بعد انتظار دام حوالي السنة، تمّ تشكيل الحكومة التي انتظرها جميع اللّبنانيين بفارغ الصبر ولم تلبث الفرحة أن تصل إلى عيونهم حتى توالت المصائب على هذه الحكومة من كل حدب وصوب، من أزمة المحروقات وصولاً لأحداث الطّيونة، إلى ارتفاع سعر الدولار والنزاعات الداخلية بين الأحزاب السياسية، ناهيك عن أزمة كورونا وما كان ينقص لبنان والحكومة هو قطع السعودية لعلاقتها مع لبنان وسحب سفيرها نتيجة لتصريحات وزير الإعلام حسب زعمهم.
طبعاً تعدّدت الرّوايات حول حقيقة ما قاله الوزير قرداحي من عدمه والفترة الزّمنية الّتي صرّح فيها عن ذلك، حيث أنّها كانت قبل تولّيه منصبه كوزير، لكن سواء قال ذلك أم لم يقل وقبل تولّيه منصبه أو بعده فإنّ ذلك لن يغيّر من الواقع شيئاً، ولا ننكر أنّه قد أثّر على مسار العلاقات مع دول الخليج وأدخل لبنان في أزمة جديدة هو بغنى عنها فلبنان اليوم لن يستطيع تحمّل موجة جديدة من ارتفاع سعر الصرف فكيف سيكون حال اللبنانيين؟
المركب الحكومي امتلئ بالثقوب وتسربّت إليه المياه وماذا سيستطيع ميقاتي أن يفعل أمام ذلك؟
على الرغم من ذلك لم يجلس ميقاتي مكتوف اليدين بل حاول تصويب الأمور وأعرب عن أسفه الشديد تجاه ما حصل مع السعودية وأجرى العديد من الاتصالات مع القادة العرب ومع أمراء من دول الخليج، علّه يدفع هذا المركب إلى شاطئ نجاة، وربّما سيكون هناك أمل كون هناك وعود فرنسيّة و اتصالات من قبلهم مع دول الخليج لتصحيح مسار العلاقات بينهم وبين لبنان.
بالعودة لما صرّح به قرداحي، قال سليمان فرنجيّة رئيس تيّار المردة أنّ قرداحي عرض عليه أن يقدّم استقالته، لكن فرنجيّة رفض ذلك وقال “إنّ ضميري لا يسمح لي أن أطلب ذلك من وزير لم يخطئ”، مؤكداً “أنّني أقف إلى جانب قرداحي بكل قرار يأخذه فهو مظلوم و أنا لم آتي به لأقدّمه فدية لأحد، على عكس الكثير من السياسيين اللّذين هاجموا قرداحي وتخلّوا عنه وتركوه في مهب ّالريح، فتجدهم يسعون لتبييض وجوههم ولو على حساب غيرهم وحساب كرامة اللبنانيين”.
من جهته قال البطريرك الرّاعي أنّه “ربما من مصلحتي الشخصية والسياسية أن أقول لقرداحي عليك أن تستقيل لكن لا أقبل بذلك لأنّه لم يفعل شيئاً و لبنان بلد ديمقراطي”.
فاليوم إذا ما استقال قرداحي فلن يتم تعيين وزير غيره وإذا ما استقالت الحكومة فسيغرق لبنان في سنين من الضياع والانقسام و ربّما لن نحلم بعدها بتشكيل حكومة جديدة، فأي بلد سنصل إليه بعد ذلك وكيف سيكون المشهد؟
كثرت الضربات الّتي تعرّضت لها هذه الحكومة ولم يعد بوسعها التحمّل أكثر من ذلك لم نعد نرى أنّ هناك أمل للخروج من كلّ هذه الأزمات، لا نريد للحكومة أن تستقيل لأنّ المشهد عندها سيكون كارثياً على لبنان.
لننتظر ما ستحمله لنا الأيام القادمة علّها موجة أمل تحملنا إلى برّ الأمان.
ندى كسار