على ما يبدو أن حكومة الاحتلال قد بدأت تفكر بشكل سليم نتيجة الصفعات التي تلقتها من الفلسطينيين والمقاومة، فقد قررت منع دخول المستوطنين إلى المسجد الأقصى حتى نهاية شهر رمضان، وهذا القرار قد صدر نتيجة اجتماع مصغر لتقييم الوضع في إسرائيل، حيث حضر الاجتماع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يواف غالانت، الذي كان من المقرر أن يقيله نتنياهو من منصبه لكنه عدل عن ذلك، ووزير الداخلية ايتمار بن غفير المتطرف الذي ما يزال بالرغم من كل ما يجري يصر على سياسته وغبائه ويلوح برفضه لأي قرار من شأنه أن يهدئ الأمور، حيث يزعم أن إسرائيل بذلك تخضع للإرهاب وليس هذا فقط بل هاجم قرار نتنياهو بوقف اقتحام الأقصى واعتبر أن القرار بحد ذاته خطأ جسيم سيؤدي إلى تصعيد، حيث أنه ومن وجهة نظره ذلك سيضعف قوة الشرطة الإسرائيلية وسيخلق أرضية خصبة لتظاهرات ضخمة من التحريض على قتل اليهود وسيناريو إلقاء الحجارة على المستوطنين على حائط البراق.
الجدير ذكره أنه ما إن صدر القرار حتى أيده وزير الأمن الإسرائيلي ورئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي ورئيس الشاباك رونين بار ومفوض الشرطة يعقوب شبتاي.
بات واضحاً أن الأمور وصلت إلى ما هي عليه نتيجة اعتماد نتنياهو على أمثال بن غفير القذر الذي ركب قطار التطرف ويظن بأنه لن يقف شيء في وجهه، لكن وبالرغم من أن إسرائيل اليوم على شفير الهاوية بن غفير لا يعتبر نفسه خاسراً بل يرى أنه منتصر ويحقق انتصارات على أرض الميدان، ماذا على إسرائيل أن تنتظر من مثل هكذا أحمق هو لم يقدم لها سوى الهزيمة، فالمنطقة مهددة بحرب إقليمية نتيجة سياسته واستفزاز الفلسطينيين والمقاومة.
وتجدر الإشارة إلى أن اقتحامات الأقصى سببت الكثير من الضغوطات على حكومة الكيان وأصبح هناك تهديدات أمنية جدية من شأنها أن تنسف الكيان عن بكرة أبيه، والقرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية بوقف الاقتحامات حتى نهاية شهر رمضان لم يكن نتيجة الحكمة والتخطيط السليم وإنما بسبب خوف إسرائيل من تكرار سيناريو الأسبوع الماضي عندما تلقت الضربات من كل حدب وصوب وازدادت عمليات القتل والطعن والدهس للمستوطنين بشكل كبير.
هذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الفلسطينيين لم يعد يهمهم أي شيء وليس لهم من رادع بعد اليوم فهم لا يملكون سوى وطنهم فلسطين والمسجد الأقصى، وإسرائيل قد انتهكت كل شيء وتخطت الخطوط الحمراء باقتحامها للأقصى ولم يعد بمصلحتها استفزاز الشعب الفلسطيني أكثر من ذلك.
ويجب الإضاءة على اللقاء الذي تم بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بالوقت الذي كانت فيه أحداث الأقصى في أوجها والأوضاع متوترة بشكل كبير، وهذا دليل واضح على وجود تنسيق بين كافة فصائل المقاومة وأنها تتحرك على الأرض بتناغم كامل، والدليل هو أن القصف على إسرائيل لم يكن من غزة فقط وإنما من سوريا ولبنان وبنفس اللحظة، يعني ذلك أن إسرائيل تواجه مقاومة من كافة أنحاء العالم وعليها إعادة النظر بشكل جدي لأن وجودها مهدد في الأيام القريبة القادمة.
ولا يمكن أن ننسى أن يوم القدس سيصادف يوم الجمعة التي ستكون الأخيرة من شهر رمضان والكيان متخوف بشكل كبير من حصول مسيرات بهذا اليوم، ولا شك أنه سيكون هناك احياء لذكرى يوم القدس ولكن إسرائيل لديها مخاوف من تحول هذه المسيرات إلى انتفاضة جديدة وهذا احتمال وارد جداً رداً على اعتداءات إسرائيل وما نفذته من مجازر في فلسطين، وهذا سيكون انتصار كبير لفلسطين أولاً والشعب العربي وإيران، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن إيران كانت الراعي والمؤسس ليوم القدس الذي كان برعاية السيد الخميني.