كثير من المعطيات سوف تتغير في المنطقة وخصوصاً بعد المفاوضات التي تجري وعلى أعلى المستويات بين عدة دول كبرى مع سوريا، حيث كشفت وزارة الدفاع الروسية أنها عقدت محادثات رباعية الأطراف بين وزراء دفاع روسيا الاتحادية والجمهورية العربية السورية وجمهورية تركيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية كما أكدت في بيانها أنه تم خلال الإجتماع مناقشة الخطوات العملية في مجال تعزيز الأمن في الجمهورية العربية السورية وتطبيع العلاقات السورية التركية.
أهم ما في الأمر إيلاء اهتمام خاص لقضايا مواجهة جميع مظاهر التهديدات الإرهابية ومحاربة جميع الجماعات المتطرفة في سوريا والتأكيد على الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وضرورة تكثيف الجهود من أجل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
لا بد للإشارة إلى أن الموضوع ليس بهذه السهولة لا سيما أن تركيا تسيطر على أراضي تابعة للجمهورية العربية السورية وبصورة غير شرعية، حيث أن المفاوضات لا يمكن أن تسير بالطريق السليم إلا بعودة هذه الأراضي لسيطرة الدولة السورية وإنهاء التواجد التركي وهذا يشكل تحدياً كبيراً في هذه المرحلة، ولكن إن سارت المفاوضات بالشكل المخطط لها فسيكون انتصار كبير ومهم جداً للدولة السورية.
لا يمكن نكران الدورين الروسي والإيراني لنجاح مثل هذه المفاوضات والاتفاقيات لكن يجب التنويه إلى الدور الهام والحنكة الواضحة للدولة السورية في إعادة إحياء العلاقات مع الكثير من البلدان العربية وتفعيل الدبلوماسية وفتح باب التعاون على مصراعيه كما حدث مع السعودية وتونس والجزائر والإمارات والكثير من الدول العربية التي عادت للحضن السوري كسابق عهدها بل وأفضل بكثير.
من الواضح أن الرئيس التركي لديه مصلحة كبيرة في إعادة العلاقات مع سوريا وذلك ليحقق المزيد من الشعبية والتأييد لدى الشعب التركي كون موعد الانتخابات الرئاسية بات قريباً جداً، حيث أنه استغل الانتصار المعنوي الذي حققه بعد الزلزال من أجل إعادة العلاقات مع سوريا وبالتالي تخفيف الأعباء الاقتصادية على الشعب التركي من خلال عودة المهجرين السوريين إلى سوريا.
لكن كل ما يطمح له أردوغان سيذهب أدراج الرياح ولن يكسب الورقة الرابحة من سوريا مالم يكن هناك نية جدية بإنسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وقبل ذلك لن يكون هناك أي اتفاق أو تطبيع سياسي أو غير سياسي، فمجرد الجلوس على طاولة الحوار يعني أن القوات التركية انسحبت فعلاً من الأراضي السورية.
المرحلة المقبلة ستكون حساسة جداً ويجب الحذر من ردات فعل إسرائيل والولايات المتحدة لأننا مقبلون على تغييرات كبيرة وجميعها لا تصب بمصلحة العدو ومن شأنها أن تنهي ملف الأزمة السورية بشكل نهائي وإلى الأبد وستحل المشكلة الاقتصادية في سوريا مما سينعكس بشكل إيجابي على كافة الأصعدة وهذا بحد ذاته إذا ما تم بالشكل السليم سيكون صفعة كبيرة للولايات المتحدة.